## الضرة الحلقة 3: بين نيران الغيرة و رماد الأمل
الحلقة الثالثة من مسلسل "الضرة" أتت كعاصفة رملية تقتلع معها آخر خيوط الهدوء الظاهري في منزل الحاج عبد الكريم. لم تعد الغيرة مجرد همسات خافتة في الظلام، بل تحولت إلى وحش كاسر ينهش في قلوب الضرتين، مريم وليلى.
الكاتبة، ببراعة، نجحت في تصوير التعقيدات النفسية للمرأة في مجتمع محافظ، حيث الزواج الثاني ليس مجرد حدث عابر، بل هو زلزال يهز كيان الأسرة بأكملها. مريم، الزوجة الأولى، التي لطالما تميزت بالصبر والتروي، بدأت تفقد سيطرتها على أعصابها. نيران الغيرة تشتعل في داخلها، تحرق ذكريات الماضي الجميل وتهدد حاضرها ومستقبلها.
في المقابل، ليلى، الزوجة الثانية، التي جاءت إلى هذا المنزل حاملة أحلامًا وردية، وجدت نفسها في مواجهة واقع مرير. لم تجد الترحيب الذي كانت تتوقعه، بل نظرات الاتهام والرفض. شعرت أنها دخيلة، غريبة في منزل لا يرحب بها، وأنها مهما حاولت لن تتمكن من كسب ود مريم.
الأداء التمثيلي في هذه الحلقة كان مذهلاً. نرى بوضوح التحول في شخصية مريم، من الزوجة الهادئة إلى المرأة الغاضبة التي تسعى لاستعادة مكانتها. ونشاهد أيضًا ليلى تحاول التكيف مع وضعها الجديد، لكنها تجد صعوبة في التغلب على الشعور بالوحدة والعزلة.
الحوارات في الحلقة كانت عميقة ومؤثرة. الكلمات تحمل معاني خفية، تكشف عن المشاعر الدفينة التي تكمن في قلوب الشخصيات. نرى الصراع بين العقل والعاطفة، بين الواجب والرغبة، بين الحب والغيرة.
لم تقتصر الحلقة على تصوير الصراع بين الضرتين، بل سلطت الضوء أيضًا على تأثير هذا الصراع على الأبناء. الأطفال يشعرون بالضياع والارتباك، فهم لا يفهمون لماذا تغيرت والدتهم، ولماذا أصبح المنزل مليئًا بالتوتر والخصام.
في نهاية الحلقة، يلوح في الأفق بصيص من الأمل. مريم، رغم غضبها، تبدأ في إدراك أن ليلى ليست عدوتها، وأنها ضحية مثلها. ربما، فقط ربما، تستطيع الضرتان أن تجدا طريقة للتعايش بسلام، وأن تحولا رماد الغيرة إلى تربة خصبة تنبت فيها بذور المودة والاحترام.
يبقى السؤال: هل ستنجح مريم وليلى في تجاوز خلافاتهما؟ وهل سيتمكن الحاج عبد الكريم من إعادة الاستقرار إلى منزله؟ هذا ما ستكشف عنه الحلقات القادمة. "الضرة" ليس مجرد مسلسل، بل هو مرآة تعكس واقعًا اجتماعيًا معقدًا، وتثير أسئلة مهمة حول طبيعة العلاقات الإنسانية.