فيلم الجبل

فيلم الجبل
## فيلم "الجبل": ترنيمة صامتة في حضرة القسوة والجمال

"الجبل"، ليس مجرد اسم فيلم، بل هو استعارة سينمائية عميقة تجسد الصراع الداخلي للإنسان في مواجهة قسوة الطبيعة وتقلبات الحياة. الفيلم، الذي أخرجه المخرج الإسرائيلي ياريف موزر، يقدم لنا حكاية رحلة نفسية معقدة تدور أحداثها في صحراء فلسطين القاحلة.

بطلة الفيلم، ريلي، أم وزوجة تعيش في مستوطنة معزولة، تشعر بالغربة والاغتراب رغم وجودها وسط عائلتها ومجتمعها. زوجها، ضابط في الجيش، غائب باستمرار، وابنها المراهق يعيش في عالمه الخاص. تجد ريلي نفسها وحيدة، ضائعة في فراغ وجودي خانق.

تأخذ حياة ريلي منحى غير متوقع عندما تبدأ بزيارة قبر مجهول الهوية يقع على قمة جبل قريب من المستوطنة. هناك، تجد ملاذًا مؤقتًا من واقعها الكئيب، وتبدأ في الاعتناء بالقبر وترتيبه. هذا القبر يصبح نافذة تطل منها على عالم آخر، عالم من الوحدة والضعف والاحتياج.

الفيلم لا يقدم لنا حوارات صاخبة أو أحداثًا متسارعة. بل يعتمد على لغة الصورة الصامتة، على النظرات الحائرة، على الحركات البطيئة، ليخلق أجواء من التوتر والترقب. الصحراء، بتضاريسها الوعرة وألوانها الشاحبة، تصبح شخصية رئيسية في الفيلم، تعكس قسوة الحياة وجمالها الخفي.

"الجبل" ليس فيلمًا سهلاً، فهو يتطلب من المشاهد صبرًا وتأملًا. إنه فيلم يدعونا إلى التفكير في معنى الوحدة، في قيمة الروابط الإنسانية، وفي قدرة الإنسان على الصمود في وجه الصعاب. إنه فيلم يلامس الروح، ويترك فينا أثرًا عميقًا بعد انتهاء العرض.

ما يميز الفيلم أيضًا هو أداء الممثلة شاني كوهين المذهل. فهي تجسد شخصية ريلي بكل ما تحمله من ضعف وقوة، من يأس وأمل. نظراتها وحدها تكفي للتعبير عن حجم المعاناة التي تعيشها هذه المرأة.

"الجبل" ليس مجرد فيلم عن امرأة وحيدة في صحراء قاحلة. إنه فيلم عن الوحدة التي قد يشعر بها أي إنسان في أي مكان وزمان. إنه فيلم عن البحث عن المعنى في عالم يبدو أحيانًا بلا معنى. إنه فيلم عن الجمال الذي قد نجده في أحلك الظروف.

إذا كنت تبحث عن فيلم يثير فيك التساؤلات، فيلم يدعوك إلى التفكير، فيلم يلامس قلبك، فـ "الجبل" هو الفيلم الذي يجب أن تشاهده. إنه ترنيمة صامتة في حضرة القسوة والجمال.
فيلم الجبل