## فيلم "الرئيس يريد نهاية سعيدة": لمسة إنسانية في قمة السلطة
في عالم السينما العربية، نادرًا ما نرى تجارب تخاطبنا بعمق عن خفايا السلطة، ليس من منظور سياسي بحت، بل من زاوية إنسانية تلامس الروح. فيلم "الرئيس يريد نهاية سعيدة" يمثل هذه التجربة الاستثنائية، فهو ليس مجرد قصة عن رئيس دولة، بل هو رحلة في أعماق نفسية معقدة لرجل يحمل على عاتقه مصير أمة، وفي الوقت نفسه، يتوق إلى سعادة شخصية بسيطة.
الفيلم لا يركز على الصراعات السياسية التقليدية أو المؤامرات التي تدور في أروقة الحكم، بل يسلط الضوء على الجانب الآخر من الصورة. نشاهد الرئيس، الذي يجسده ممثل قدير ببراعة فائقة، يعاني من الوحدة والعزلة التي تفرضها عليه مكانته. نرى صراعه الداخلي بين الواجبات الوطنية التي لا تنتهي وبين رغبته في حياة طبيعية، بعيدة عن الأضواء وضغوط العمل.
ما يميز الفيلم هو قدرته على بناء شخصية الرئيس بشكل متكامل. هو ليس مجرد رمز للسلطة، بل هو إنسان له أحلامه وآماله ومخاوفه. نراه يتفاعل مع المحيطين به بتعاطف وحنان، ونشعر بصدق مشاعره تجاه شعبه ووطنه. هذه اللمسة الإنسانية هي التي تجعل الفيلم مؤثرًا وقريبًا من القلب.
الفيلم لا يقدم إجابات جاهزة أو حلولًا سحرية، بل يطرح أسئلة عميقة حول معنى السعادة الحقيقية، وقيمة العلاقات الإنسانية، وأثر السلطة على حياة الفرد. هل يمكن للرئيس أن يجد السعادة في ظل المسؤوليات الجسام التي يتحملها؟ هل يمكنه أن يتجاوز قيود منصبه ويحقق أحلامه الشخصية؟ هذه الأسئلة هي التي تجعل المشاهد يفكر ويتأمل بعد نهاية الفيلم.
الفيلم يتميز أيضًا بإخراج متقن وسيناريو محكم وحوارات مؤثرة. التصوير جميل ويعكس ببراعة أجواء القصر الرئاسي والحياة الرسمية، بينما الموسيقى التصويرية تضفي لمسة من الحزن والجمال على المشاهد.
"الرئيس يريد نهاية سعيدة" ليس مجرد فيلم، بل هو تجربة سينمائية فريدة من نوعها. هو دعوة للتأمل في معنى السلطة والسعادة، وتذكير بأهمية الإنسانية في كل مناصبنا ومسؤولياتنا. إنه فيلم يستحق المشاهدة والتفكير، فيلم يترك بصمة في الذاكرة ويحث على البحث عن السعادة الحقيقية في تفاصيل الحياة اليومية. إنه تحفة فنية تستحق التقدير والاحتفاء.