فيلم الشيطان الرجيم

فيلم الشيطان الرجيم
## فيلم "الشيطان الرجيم": حينما يهمس الخوف بلسان السينما المصرية

لم يكن فيلم "الشيطان الرجيم" مجرد فيلم رعب مصري آخر؛ بل كان تجربة سينمائية فريدة، غاصت في أعماق النفس البشرية واستحضرت مخاوفها الدفينة ببراعة. الفيلم، الذي أخرجه خالد مرعي عام 2012، استطاع أن يخلق حالة من التوتر النفسي المتصاعد، تاركاً المشاهد في حالة ترقب دائم، غير قادر على التنبؤ بما سيحدث.

ما يميز "الشيطان الرجيم" ليس فقط اعتماده على المؤثرات البصرية أو الصوتية المخيفة، بل قدرته على بناء قصة متماسكة تدور حول فكرة مس الشيطان للإنسان. الفيلم لا يقدم المس كعقوبة إلهية أو ظاهرة خارقة للطبيعة فحسب، بل يستكشفه من منظور نفسي واجتماعي. نرى كيف أن هشاشة النفس البشرية، والصراعات الداخلية، والضغوط الاجتماعية، يمكن أن تكون أرضاً خصبة لنمو هذا "المس" وتغلغله في الروح.

الفيلم يتميز أيضاً بأداء تمثيلي قوي من قبل فريق العمل، وعلى رأسهم عمرو يوسف وكندة علوش، اللذين قدما شخصيتين معقدتين ومركبتين. تمكنا من التعاطف معهما وفهم دوافعهما، حتى في لحظات ضعفهما وانحدارهما نحو الجنون.

"الشيطان الرجيم" لم يكتفِ بتقديم قصة رعب تقليدية، بل فتح الباب أمام نقاش حول مواضيع حساسة مثل الإيمان، والشك، والصحة النفسية، والضغوط الاجتماعية التي تواجه الشباب. الفيلم يطرح أسئلة مقلقة حول حدود العقل البشري، وقدرته على التمييز بين الحقيقة والوهم.

أثار الفيلم جدلاً واسعاً عند عرضه، بين من اعتبره تحفة سينمائية تستحق الإشادة، ومن انتقده بسبب جرأته في تناول مواضيع دينية حساسة. ولكن بغض النظر عن هذه الآراء المتباينة، لا يمكن إنكار أن "الشيطان الرجيم" كان إضافة نوعية للسينما المصرية، واستطاع أن يترك بصمة واضحة في عالم أفلام الرعب.

إنه فيلم يدعوك للتفكير، ويتركك تتساءل عما إذا كان الشيطان الرجيم هو مجرد كائن خارجي يسعى للسيطرة عليك، أم أنه كامن بداخلك، يتغذى على مخاوفك وضعفك؟ سؤال يبقى عالقاً في ذهن المشاهد بعد انتهاء الفيلم، وهذا في حد ذاته دليل على نجاحه في إثارة النقاش وإثارة التفكير. "الشيطان الرجيم" ليس مجرد فيلم رعب، بل هو مرآة تعكس مخاوفنا، وتكشف لنا عن الجانب المظلم في نفوسنا.
فيلم الشيطان الرجيم