فيلم العالمية
## "العالمية": عندما تغلّف الكوميديا قضايا الوطن بقفاز من ذهب
"العالمية"... فيلم لا يشي اسمه بمحتواه العميق، بل يوحي بسطحية كوميدية خفيفة. لكنه في الحقيقة، عمل فني مصري أصيل، يضع قضايا الوطن على طاولة التشريح بأسلوب ساخر، ناقد، ولاذع، ولكنه في النهاية محب.
الفيلم، الذي صدر عام 2009، من بطولة نخبة من نجوم الكوميديا المصرية، وعلى رأسهم أحمد حلمي، يقدم شخصية "محيي الشرقاوي"، شاب مصري يحلم بالشهرة العالمية، ويؤسس شركة إنتاج فني متواضعة، يهدف من خلالها إلى تقديم مصر للعالم بصورة مختلفة.
لكن "محيي" يصطدم بواقع مرير. واقع مليء بالفساد، والبيروقراطية، والتقاليد الخاطئة، والتناقضات الاجتماعية. يسعى جاهداً لتجاوز هذه العقبات، مستخدماً ذكاءه الفطري، وخياله الجامح، وحبه لوطنه، ولكنه غالباً ما يجد نفسه في مواقف كوميدية محرجة، تكشف عن عيوب مجتمعنا بشكل صادم ومضحك في آن واحد.
ما يميز "العالمية" ليس فقط الكوميديا المتقنة، بل قدرته على الغوص في قضايا جوهرية دون السقوط في فخ الوعظ المباشر. يتناول الفيلم مواضيع مثل الهوية الوطنية، وأحلام الشباب، وصورة مصر في الخارج، وأثر الإعلام في تشكيل الرأي العام، والعلاقة بين السلطة والمواطن.
أحمد حلمي، كعادته، يتألق في تجسيد شخصية "محيي"، مضيفاً إليها لمسة من السذاجة المحببة، والعفوية التي تجعل المشاهد يتعاطف معه ويؤمن بقضيته. أما باقي الممثلين، فقد أبدعوا في تقديم شخصيات نمطية تمثل شرائح مختلفة من المجتمع المصري، مما يضفي على الفيلم طابعاً واقعياً ومألوفاً.
"العالمية" ليس مجرد فيلم كوميدي، بل هو مرآة تعكس صورة مجتمعنا بكل ما فيه من جمال وقبح. هو صرخة أمل في التغيير، ودعوة إلى التمسك بالهوية المصرية الأصيلة، والسعي نحو تحقيق الأحلام، مهما كانت الصعاب.
الفيلم، رغم مرور سنوات على إنتاجه، لا يزال يحمل رسالة قوية ومؤثرة، تجعله عملاً فنياً يستحق المشاهدة والمناقشة. "العالمية" هو فيلم مصري بامتياز، ولكنه يخاطب الإنسانية جمعاء، لأنه يتناول قضايا عالمية بطريقة مصرية فريدة. فيلم يجبرك على الضحك والتفكير في آن واحد، فيلم يجعلك تحب وطنك أكثر، حتى وإن كنت تنتقده بشدة.