## موسوعة إسطنبول: الحلقة السادسة - حين تتراقص الأساطير بين الجدران
تطل علينا "موسوعة إسطنبول" في حلقتها السادسة، وكأنها تفتح لنا صندوقاً عتيقاً مليئاً بالكنوز الخفية. هذه المرة، لا تقتصر الرحلة على استعراض المعالم البارزة، بل تغوص في أعماق الروح الإسطنبولية، حيث تتشابك الخرافات الشعبية مع الحقائق التاريخية، وتتمازج الأساطير مع نبض الحياة اليومية.
الحلقة تأخذنا في جولة فريدة إلى أزقة غير مألوفة، بعيداً عن صخب ميدان تقسيم وشهرة آيا صوفيا. نتوقف عند مقهى صغير في حي بالات، حيث يروي لنا صاحب المقهى، وهو رجل سبعيني قضى عمره بين جدران هذا الحي، قصصاً عن الأرواح التي تجوب المكان في الليل، وعن تعويذات الحماية التي يعلقها السكان لطرد الشر.
ثم ننتقل إلى منطقة السلطان أحمد، ولكن ليس لرؤية المسجد الأزرق، بل للبحث عن بقايا "بئر الأماني" المخبأة في أحد السراديب القديمة. هنا، تُروى حكايات عن الشباب الذين يرمون العملات المعدنية في البئر، متمنين أن تتحقق أحلامهم، وعن الجن الذي يحرس البئر ويستجيب للدعوات الصادقة.
ما يميز هذه الحلقة هو أسلوب السرد الشيق الذي يجمع بين البحث الأكاديمي والقصص الشعبية. لا تكتفي "موسوعة إسطنبول" بتقديم المعلومات الجافة، بل تحيي الأساطير وتجعلها جزءاً حياً من التجربة الإسطنبولية. نتعلّم عن أصل هذه الخرافات، وكيف تطورت عبر العصور، وكيف أثرت على ثقافة المدينة وسلوك سكانها.
تلقي الحلقة الضوء أيضاً على دور المرأة في حفظ هذه الأساطير ونقلها من جيل إلى جيل. نستمع إلى حكايات الجدات عن "أميرة الثعابين" التي تحرس كنوز المدينة، وعن "الغول" الذي يختطف الأطفال المشاغبين. هذه القصص ليست مجرد خرافات، بل هي تعكس القيم والمعتقدات التي تشكل وعي المجتمع الإسطنبولي.
لا تخلو الحلقة من المفاجآت. نكتشف أن بعض المعالم الشهيرة في إسطنبول، مثل برج غلطة، تحمل في طياتها قصصاً خفية عن السحرة والمنجمين الذين كانوا يترددون على المكان في العصور الوسطى. ونتعلم أن بعض العادات والتقاليد التي نمارسها اليوم، مثل رش الملح لطرد الحسد، لها جذور عميقة في الأساطير القديمة.
"موسوعة إسطنبول" في حلقتها السادسة ليست مجرد برنامج وثائقي، بل هي رحلة ساحرة إلى قلب المدينة، حيث تتراقص الأساطير بين الجدران، وتهمس لنا بالأسرار التي لم تكشف بعد. إنها دعوة لاستكشاف إسطنبول من زاوية مختلفة، بعيداً عن الصورة النمطية للمدينة الحديثة، واكتشاف كنوزها الخفية التي تنتظر من يكشف عنها الستار. فهل أنت مستعد لخوض هذه المغامرة؟
